دَلِيلُ الْمُتَثَقِّفِينَ

دَلِيلُ الْمُتَثَقِّفِينَ

السبت، أكتوبر 06، 2012

"اللقاء الثانى مع أمنا بيان الطنطاوي "


ويشمل اللقاء الحديث عن أديب الفقهاء علي الطنطاوي رحمه الله.
 أجرته شهيدة العلم ... 
الجمعة 28سبتمبر2012 ــ 12 ذو القعدة 1433

ــ شهيدة العلم:سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
أمنا الحبيبة
بيان الطنطاوي.
ــ السيدة/بيان الطنطاوى:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،أهلاً بكم
ــ شهيدة العلم:كيف حالكم أمنا الحبيبة ؟
ــ السيدة/بيان الطنطاوى:بفضل ونعمة من الله أحمده وأشكره.
ــ شهيدة العلم:لقاؤنا اليوم سنتحدث فيه عن الشيخ علي الطنطاوي بوصفه أديبًا
وقلما نجد شخصية تنعم بالجانبين :
الجانب الثورىّ أو الحمية والغيرة على الإسلام
والجانب الأدبي المكلل بالعاطفة
فكيف اتفقا عند شخينا رحمه الله؟
ــ السيدة/بيان الطنطاوى: أظن أن بعض الإجابة مُتضمّن في سؤالك ..
فأنت تسألين عن الشيخ الأديب،وهنا يكمن السر.
فعادة يوجد العالم (الشيخ) الذي ينافح عن الحق ويغار على الإسلام وتأخذه الحميّة للدفاع عنه ويوجد الاديب الذي يُسخّر قلمه لنفس الغاية والهدف وبما أنَّ والدي رحمه الله كان :فقيه الأدباء وأديب الفقهاء فقد كان الاثنين معاً لذا نجد في آثاره القوة في الحق والسيرة العطرة في الدفاع عنه ونصرته.
ــ شهيدة العلم:نود منكم أمنا التعرف على رأى إمامنا فى رواية
" أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ ، و" موسم الهجرة إلى الشمال"
خاصة وأن الأولى قد دار حولها جدل عميق ؟
ــ السيدة/بيان الطنطاوى: ولكنّ هذا لم ليتم في أسلوب وعظيّ مباشر يُمكن أن يُصنّف في جانب الكتابة الدينيّة.. وهذا ما جعل بعض الناس يسألونني: ألا يوجد للشيخ كتاب دينيّ غير كتابه: تعريف عام بدين الإسلام؟
لا أظن أنّني أستطيع الإجابة بشكل وافٍ عن هذا!! قد يكون لوالدي رأي عام بكتابة نجيب محفوظ ولكن أن أعرف رأيه عن كل رواية فهذا صعب..
والدي كان متذوّقاً للأدب الجاد ولا يُنكر لأحد فضلاً أو ميزةً
ولكنّه كان أشدّ مايكون عندما يتجاوز الكاتب حدّه
ويتجرأ على ما لاحق له بالخوض فيه.
ــ شهيدة العلم:قولكم عن شدته مع الكتاب تجعلنا نسأل عن رأيه رحمه الله في إيراد بعض المشاهد في الروايات ، وماذا كانت رؤيته لدور الدولة الرقابية أتمنع ، أم تمنح الأديب الحرية أيا كان فكره؟
ـــ السيدة/بيان الطنطاوى:لقد كتب والدي كثيراً عن مفهوم الحرية وله تشبيهات جميلة فهو يرى أنّ الحرية المطلقة للمجانين أمّا العقلاء فأوّل ما يحدّ حريتهم (العقل) لأنّه قيد
ولذا كان يرى وجوب المنع والمراقبة وإن كان يُفضّل أن تكون نابعة من نفس الأديب لا أن يُجبر عليها من الخارج فنتاج الأديب ليس خاصّاً بفئة دون فئة
هو ملكيّة عامّة والكاتب مسؤول عمّا ينتج من أثار في سلوك قارئيه
رغم ذلك هو كان لا يؤيّد التسميات التي درجت: أدب إسلاميّ وأدب إباحيّ
كان يرى أنّ للأدب مقوّمات لابد منها وهي كما تعلمون الخيال والصورة و...إلى آخر ماهنالك ولم يكن ليسميّ ماخلا من الخيال أدباً.
سأستطرد وأقول لك رأيه بنزار قبّاني مثلًا
ــ شهيدة العلم:جميل!
ــ السيدة/بيان الطنطاوى:والدي كان يقول عنه: إنه كالمُصوّر البارع الذي يحمل كاميرا رائعة ولكنّه في بعض الأحيان (والحقيقة كثير من الأحيان) على سلّة النفايات.
وهذا يُثبت أنّ والدي مُنصف فهو لا يُنكر شاعريّة القبّاني، ولا يحكم عليه شخصاً فيسبّه ويشتمه كما يحدث أحياناً عندما نعيب على شخص شيئاً ما.. وإنّما يحكم على نتاجه. وقد كتب القبّاني حول هذا الأمر فقال بما معناه لولا نقد الأديب علي الطنطاوي لِمَا كتبت لما اشتُهِرتُ وعُرِفْتُ.
ــ شهيدة العلم: أجل ، هناك من يكفرون الأدباء والكتاب ، فكيف كان يرى شيخنا الرد المناسب إضافة إلى المنع ؟
ــ السيدة/بيان الطنطاوى:والدي كان يرى أن تجاهل ما يثكتب وليس له وزن مهما كان سيئاً أفضل ويَعيب على من يردّ فهو يُشهر صاحب الكتابة المغمورولكن لو كُتب ما لا يُرضي الله أو يتجاوز الحدود من قِبَل كاتب له وزنه وله تأثيره على الناس فسرعان ما يردّ ردّاً عنيفاً أو خفيفاً حسبما تقتضيه الحاجة
ولكم أن تراجعوا ردّه ومعركته على صفحات مجلة الرسالة عندما سُمح بنشر رسائل جامعيّة فيها مخالفات شرعيّة وتجاوزات دينية، والدي لم يكن ليتسرّع بالحكم على أحد بالكفر.
ولكن لو صدر منه ما يُخرجه من الملّة كان يفعل ولو غلب على نتاج أديب ما..
أو كاتب ما يُغضب الله كان يُنبّه لذلك ولم يكن ليسكت بحال من الأحوال لا على قول مخالف أو على فعل مخالف
وفي ذكرياته وصف لهذه المعارك التي خاضها مع أعداء الله أو المتجرئين عليه.
وقد سُجن بسبب ذلك ولوحق وعانى ولكنّه لم يكن ليمتنع عن قولة الحق.
ساعده على هذا قوّة جسديّة فقد كان رياضيّاً .. وقوّة ذهنيّة مكّنته من سوق الحجّة والدليل .. وقوّة شخصيّة ليس لها مثيل.
ــ شهيدة العلم:نود معرفة رأيه في هذا الكتاب(كتاب الأدب الجاهلى لطه حسين) وقد نقده الشيخ شاكر أيضًا!
ــ السيدة/بيان الطنطاوى:لقد تولّى العناء عنه الرافعيّ وردّ ردّاً مُفحم،طبعاً لم يكن والدي ليعجب بما كتب ورغم ما كان يتمتّع به طه حسين من مكانة ومن منصب ولكنّه تراجع عن كثير ممّا جاء في نسخته الأولى (الأدب الجاهلي) وعدّلها ليُخرج كتابه (في الأدب الجاهلي)
ويُمكنكم مراجعة كتاب والدي (فصول في الثقافة والأدب) صفحة 251 مقالة
(طه حسين في الميزان)
وله مقالة قديمة لام فيها طه حسين بشدّة. اسمها (طه حسين في دمشق) في نفس الكتاب صفحة 247سنة 1955
ــ شهيدة العلم:عبارة أعجبتني جدًّا وحقيقة كلها مدهش "والذهن البشري، أليس ثروة؟ أما له ثروة؟ أما له ثمن؟ فلماذا نشقى بالجنون، ولا نسعد بالعقل؟ لماذا لا نمكِّن للذهن أن يعمل، ولو عمل لجاء بالمدهشات؟" في مقال للشيخ عنوانه " إنكم سعداء ولكن لا تدرون" ، لو قُدِّر لشيخنا أن يكون معنا الآن فكيف سيرى عقول الحكام العرب ؟
ــ السيدة/بيان الطنطاوى:ههههههههه أضحك الله سنّك!
سيراهم كما كان يرى معظم الحكّام في عصره.
ــ شهيدة العلم:صحيح ، لكن بعد الثورات العربية وبعد إفاقة الشعوب .
ــ السيدة/بيان الطنطاوى:طُلّاب منصبٍ يظنون أنّهم خالدين يتصرفون برعاياهم كما يتصرّف صاحب الملك بإرثه.
ــ شهيدة العلم:ألن يرى أن شيئًا من حلمه ورأيه قد تحقق ؟
ــ السيدة/بيان الطنطاوى:فيما يحدث الآن؟ آهٍ لو عاش والدي ليشهد الثورة في سوريا
كان ليطير من الفرحة.. أذكر منظره عندما وقع الانفصال وجاءنا البشير فجراً يصرخ: يا أستاذ افتح الرادّيو. لبس وذهب إلى محطة الإذا عة وقال خطبته العظيمة التي هزّت أرجاء سوريا في ذاك الزمن
لقدكان يرى بفطرته وحكمته مستقبل سوريا في ذاك الزمن لو استمر ما هي فيه
وبعد ذلك ...... جاءنا حكم البعث وكان والدي أيضاً يُقدّر ويرى إلى ما ستؤول إليه الحال.
لم يكن حديث من أحاديثه الإذاعية والتلفزيونية يخلو من التنبيه إلى مآل الأمور لو استمر الرضى والخنوع.لم يسكت يوماً.. أبعدوه.. شردوا بناته .. قتلوا بنان رحمها الله .. سجنوا قرابته وأعدموا شباب عائلته . ومع ذلك بقي صامداً يقول الحق رحمه الله!
شهيدة العلم: رحمهما الله!
السيدة/بيان الطنطاوى:كلّ يوم بل كلّ لحظة تتنازعني مشاعر الفرحة ومشاعر الحزن.. أفرح لأنّه لم ير مايحدث في بلده الغالي وأنّ الله جنبّه ما يُمزقنا ويؤلمنا
وأحزن لأنّه لم يُكحّل عينه برؤية الثورة والعيش في ظلال الوعي والعودة إلى الحق
والثأر لكلّ الذين عانوا من هذا الحكم الغاشم،
نسأل الله النصر والفرج!
بشار ومن سبق بشاراً ومن سيلحقه ..
نسأل الله لهم ان يجعل تدميرهم في تدبيرهم!
شهيدة العلم: آمــــــين!
أمنا الحبيبة بيان الطنطاوى لا نريد أن نثقل عليكم أكثر من هذا.
السيدة/بيان الطنطاوى :أهلا بكم،وجزاكم الله خيراً!
ــ شهيدة العلم: وإياكم أمنا الغالية على أمل اللقاء إن شاء الله،
ــ السيدة/بيان الطنطاوى :بإذن الله
أترككم في رعاية الله وحفظه.
ــ شهيدة العلم: وفي نهاية اللقاء نشكر أمنا الحبيبة بيان الطنطاوي
ابنة أديب الفقهاء علي الطنطاوي رحمه الله
دمتم ناعميــــــن!
ــ السيدة/بيان الطنطاوى: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

0 التعليقات:

إرسال تعليق