دَلِيلُ الْمُتَثَقِّفِينَ

دَلِيلُ الْمُتَثَقِّفِينَ

الجمعة، فبراير 03، 2012

{لذَّةُ التَّفْكِيْرِ }ــ .محمد عبدالمنعم الصاوى.




 بتاريخ17/11/2011
 تتعقد الأمور فى مصر بشكل متصاعد يوماً بعد يوم، فبعد أن احتفلنا بسقوط الطاغية وكبار معاونيه، كان علينا أن نفيق من نشوة الانتصار على مخاطر سياسية واقتصادية! قبلناها وقلنا لأنفسنا إنها أمور طبيعية فى ظل تراكمات طويلة من الممارسات الفاسدة لإدارة البلاد.

 الفقر والبطالة وتدهور التعليم والصحة والزراعة والصناعة والتجارة والإسكان والمرافق ووسائل المواصلات والبيئة... كلها بدت لنا تحديات شديدة، ولكنها غير مستعصية على الحل لمن يتبع المنهج العلمى، ويُخلص فى التصدى للمشكلات المختلفة بخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل.

 أما تراجع الشعور بالأمان، فقد تفاوت من مواطن لآخر طبقاً لظروف معيشته وأنواع المخاطر الأمنية التى يتعرض لها هو ومن يتحمل مسؤولية حمايتهم. أنا شخصياً أشعر بالأمان الآن أكثر من ذى قبل، أعنى فترة ما قبل الثورة حين كنت أدخل بيتى ليلاً غير مطمئن إن كنت سأستيقظ على جرس منبه الموبايل أو على طرق بوليسى على الباب!

 لم أكن مطمئناً أبداً إلى أن إحدى سيارات الأمن المركزى العملاقة لن تُكلَّف يوماً بإغلاق «ساقية عبدالمنعم الصاوى» التى تفانيت فى تأسيسها مع إدارة من الشباب الذين آمنوا برسالة الفكر والثقافة تدعيماً للحريات، وفى مقدمتها حرية التعبير والإبداع.

 لقد وصل الأمر بداخلية العادلى أن أطلقت علينا إحدى إداراتها الفاسدة لتغلق الساقية بحجة عدم توافر اشتراطات الأمان!! لم أنفذ قرار الإغلاق متوكلاً على الله، ومستنداً على تأييد شعبىّ جارف لنقطة بيضاء رصدها الشباب وسط ظلام حالك.

 يبقى الأمن إذن إحدى أهم المشكلات المعقدة التى تحتاج – مع غيرها - إلى علاج حاسم وعاجل.

 رصد المصريون كل هذه التعقيدات وتباطؤ القائمين على البلاد فى حلها، فبدأوا يتململون وَيَشْكُون، ثم أصبحوا يتظاهرون ويعتصمون ويُضربون... أصاب الجميعَ قلقٌ وأرقٌ وتوترٌ وخوفٌ من سقوط مدوٍّ يطلق ثورة من نوع جديد.. ثورة لا يضمن أحد سلميتها.. ثورة محتاجين أو جياع أو طهقانين.

 ظن المصريون أنهم أمام تحديات ومخاطر عظيمة حتى ظهر لهم ما هو أعظم وأخطر منها، فدخلوا فى حالات اليأس والإحباط والاكتئاب والتعاسة! حدث هذا بينما اكتشف المصريون أن التعقيدات السياسية والاقتصادية أقل خطورة وتأثيراً على المواطنين من التعقيدات الثقافية والاجتماعية.

 فجأة لم يعد على الشفاه إلا سؤال واحد: مصر إلى أين؟

 كتبت مع غيرى كثيراً عن خطورة إهمال الثقافة وتَرْكها فى أيدٍ غير أمينة لأطول من عقدين من الزمان. الثقافة هى المسؤولة عن إرساء المفاهيم الصحيحة فى أى مجتمع، وهى المسؤولة عن توصيف الهوية وأبعادها ودلالاتها، وهى المسؤولة عن وضع الرؤى العامة لأى أمة، كما أنها المسؤولة عن الحريات بقائمتها الطويلة. الثقافة التى لا يمكن لأحد أن يعبئها فى زجاجة ليسقيها للناس.. مستقرة فى وجداننا ومتأصلة فى تراثنا ودورات حضاراتنا المتعاقبة. لا شك أن ثقافتنا تمر بأزمة عاصفة أو هى بالفعل أعقد وأدق أزماتنا كما اكتشف الجميع قبل فوات الأوان والحمد لله.

 من مع من؟ ومن ضد من؟ كيف نصوغ أولوياتنا؟ أهناك ما هو أكثر إلحاحاً من توفير لقمة العيش؟ ما هى العلاقة بين الثقافة وسائر التعقيدات والمشكلات الأخرى؟ تداخلت الخيوط وتشابكت، كما يحدث أحياناً لمحركى العرائس الذين أعتز أنى واحد منهم.. عندما تتعقد خيوط عروسة الماريونت يقوم المحرك بتدقيق النظر وفحص الحالة، وبمجرد أن يستوعب المشكلة وحجمها يبدأ فى اتخاذ قرارات عاجلة وحاسمة.. لقد مررت كثيراً بهذه الحالة، وأصابنى رعب أن يكتشفها الجمهور قبل أن أكتشف أنا الحل.

 طول العشرة مع العرائس جعلنى أكتشف ما هو أجمل وأكثر إثارة من الوصول إلى الحل وتنفيذه، إنها عملية التفكير ذاتها، وما تمنحه لمن يعتادها من لذة يصعُب التعرف عليها وإدراك قيمتها إلا بالممارسة.

 لذة التفكير إحدى نعم الله عز وجل التى لا تعد ولا تحصى، فلولا لذة التفكير ما أحب الناس التفكير، ولولا حب التفكير ما حُلت مشكلة واحدة.

 إن أعظم إنجازات الثورة هو نقلنا من عصر التفكير الفردى إلى عصر التفكير الجماعى الذى يشرك الجميع بدرجات متساوية من الحقوق فيكون هو الركيزة الأساسية للمفهوم الصحيح للديمقراطية.

 أرجو اعتبار هذا المقال دعوة عامة لتذوق لذة التفكير.

الأربعاء، فبراير 01، 2012

التقِنقراطية أو التكنقراطية



     التِقنُقراطية :كلمة أصلها يوناني من كلمتين هما تِكني τέχνη "فني وتقني" وكراتُس κράτος "سلطة وحكم"، وباعتبارها شكلا من أشكال الحكومة، تعني حرفيا حكومة الفنيين.

     التقنقراطية حركة بدأت عام 1932 في الولايات المتحدة، وكان التقنقراطيون يتكونون من المهندسين والمعماريين والاقتصاديين المشتغلين بالعلوم ودعوا إلى قياس الظواهر الاجتماعية ثم استخلاص قوانين يمكن استخدامها للحكم على هذة الظواهر وإلى أن اقتصاديات النظام الاجتماعي هي من التعقيد بحيث لا يمكن أن يفهمها ويسيطر عليها رجال السياسة ويجب أن تخضع إدارة الشئون الاقتصادية للعلماء والمهندسين، وكانت هذه الدعوة نتيجة طبيعية لتقدم التكنولوجيا.

 التقنقراط:
     هم النخب المثقفة الأكثر علمًا وتخصصًا في مجال المهام المنوطة بهم، وهم غالباً غير منتمين للأحزاب. والتقنقراط كلمة مشتقة من كلمتين يونانيتين: التقانة(التكنولوجيا): وتعني المعرفة أو العلم ،وقراطية (كراتس) وهي كلمة اغريقية معناها الحكم، وبذلك يكون معنى تقنقراط حكم الطبقة العلمية الفنية المتخصصة المثقفة.
 الحكومة التقنقراطية :
    هي الحكومة المتخصصة غير الحزبية التي تتجنب الانحياز لموقف أي حزب كان وتستخدم مثل هذه الحكومة في حالة الخلافات السياسية.

البردة : قصيدة البوصيري في المدح النبوي


البردة


محمد سيد الكونين والثقليـ***  ـن والفريقين من عرب ومن عجمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ *** أبر في قولِ لا منه ولا نعم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته*** لكل هولٍ من الأهوال مقتحم
 دعا إلى الله فالمستمسكون به ***مستمسكون بحبلٍ غير منفصم
 فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلُقٍ*** ولم يدانوه في علمٍ ولا كرم
 وكلهم من رسول الله ملتمسٌ*** غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
 وواقفون لديه عند حدهم ***من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
 فهوالذي تم معناه وصورته*** ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النسم
 منزهٌ عن شريكٍ في محاسنه*** فجوهر الحسن فيه غير منقسم
 دع ما ادعثه النصارى في نبيهم*** واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
 وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف*** وانسب إلى قدره ماشئت من عظم
 فإن فضل رسول الله ليس له*** حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفم