لقد مرت مصر - وتمر - بأحداث مؤلمه، تستدعي منا وقفة تأمل، لقد قام الشعب المصري بثورة تهدف للتغيير الجذري في شكل الحكم فيها و مضمونه، ويأمل أن يؤدي هذا التغيير إلي نقلة حضارية، تشبع طموحه.
لكن أسس هذا التغيير لم تكن متوافرة، أو مخططة، لدي الشعب أونخبته السياسية أو شبابه الثائر، أو حتي من آل إليه الأمر طبقا لتلقائيه الموقف و عفويه الأحداث.
وما إن هدات النفوس الثائرة قليلا حتي خرجت مكنونات الشعب، أفرادا وجماعات، تعبر عن نفسها، برعونه وعشوائيه، وعدم إدراك لمدى الحقوق – وأهمية الواجبات، وعدم إدراك أن كل فرد - أو مؤسسه أو دولة - مقيد في طموحه - شاء أم أبى - بواقع مؤثر عليه – داخليا و إقليميا ودوليا.
وكان يجب علي النخبه أن تعلم الشعب هذا الأمر؛ فليس كل ما يتمني المرء يدركه، وما لا يدرك كله لا يترك كله، ولكنها – أي النخبة – لم تشا أن تغير دينها ومعبودها، ألا وهو المصلحة الفردية وحب السلطة و الشهرة، وما يستلزمه من خضوع لهيمنه أصحاب الأموال.
وكما هو العهد بها دائما – طوال تاريخ مصر الألفي – كان (الكَهَنَةُ) قديما و(الاعلام و الصحافة والمثقفون والمفكرون) حديثا - كانوا يعرضون بضاعتهم من القدرة علي التأثير علي الرأي العام وإقناع الناس حتي بالأوهام لمن يدفع اكثر.
واعتقد أصحاب الأموال أن لديهم القدرة علي إدارة مصر، كيفما شاءوا، من هواتفهم المحمولة
ربما فسر سلوكهم في نظري لماذا أفقر عبد الناصر مصر.
وأصبح الموقف – غايه في التعقيد
الكنيسة حاولت استغلال الانفلات و ضغف الدولة لسرقة أراضي الدولة و الزج بأفرادها لافتعال مشاكل و مآس وبكائيات، حتي إنني أشك في أنها وراء هدم الكنائس؛ خشية انفلات أفرادها منها وتقاربهم مع المسلمين، الذي كان واضحا أثناء الثورة، وحتي تغتنم ما تراه حقوقا قبل انتخاب و برلمان، واستغلت كل مايكمنها من استنفار أنصارها في الخارج وشعبها في الداخل ورءوس الأموال المسيحية حتي امتدادها في منابع النيل، وكأنها - وعلى رأسها البابا الطموح - تهيئ نفسها لحكم مصر.
وتعامل الاخوان المسلون – مع خصومهم السياسيين و منافسيهم – بتعال أحمق – ليس من السياسه و الكياسة في شئ، وكان بيدهم مقاليد كل شئ.
ودخلت الجماعة الاسلامية علي الخط – لتحدد و ترسم شكل الدولة كما تراه صائبا.
وظن (المَهَاتْمَا) برادعي و عصابته 6 ابريل أن الوصول الي السلطة لن يحتاج إلا إلى بعض التأييد من المؤسسات الدولية المشبوهة و القنوات الفضائيه المأجورة، و حشد مشجعي كرة القدم للهجوم علي مؤسسات الدولة، وإعلانه المخلص وصاحب العصا السحرية و الأفكار الإبداعية التي في أقل وقت ستتحول مصر به و معه إلي جنه الله في الارض. وعمل جاهدا – متحالفا مع المسيحيين و الملحدين، والإعلام الموالي لهم – على تشويه صورة الجيش، خاصة بعد ظهور المشير يفتتح أحد المشروعات، وإعلانه عن خطط تنمويه كبيره لمصر؛ فسارع هو وحلفاؤه إلى الهجوم المادي و المعنوي علي الجيش و الدولة ومحاولة إقناع الناس أن الجيش فاشل في إداره المرحلة.
وواصل الضغط للاسراع بتسلمه السلطة؛ حتي لا تترسخ شعبية الجيش و يزاد مؤيدوه.
وظهر واضحا في محاولتهم إفساد الاحتفال بعيد الفلاح، واستئجار ألتراس الأهلي لتدمير الاستاد قبل الاحتفال.
وانتهج محمد سليم العوا نفس المنهج - تقريبا - وأصاب الرجلَ الرشيدَ لوسةُ الشهرة و الطموح و السعي للسلطة.
إن المشهد السياسي في مصر معقد، وكله يتمحور حول السلطة و السعي الشريف والخسيس - علي السواء - للوصول إليها.
ولكن المشكلة يسهل حلها لو خلصت النوايا، و هذا لن يحدث.
فلن يكف البابا و لا المهاتما ولا الاخوان ولا الجماعة الاسلامية ولا أعضاء الوطني ولا الأثرياء ولا حتي الأقزام أبناء اللحظة في السعي إلى أن يفرض كل منهم رؤيته و تصوره و طموحه على الآخر.. حتي لو ماتت مصر!
ولن يعدم كل هؤلاء مؤيدين ولا مناصريين ولا اشتشهاديين ولا ممولين..
فالجميع أغنياء.. إلا مصر!
والجميع أقوياء.. إلا مصر!
وجميع التيارات سالفة الذكر يرفض - وبشده - فكرة أن الجيش هو المؤسسة الوحيدة في مصر التي تلقى قبولا لدى جميع طوائف الشعب، ولن يقبلوا ببساطه الشرعية التاريخية و الشعبية و الظرفية للجيش في حكم مصر.
فليست السلطة بالتي يمكن للمرء أن يتنازل عنها أو حتي يتوقف عن التفكير فيها لمجرد قراءة منطقيه للأحداث أو التسليم بحقائق التاريخ.
ويقف الكهنه في منتصف الطريق، يعرضون بضاعتهم و أنفسهم - إن استلزم الامر - لمن يدفع أكثر.
لذا، يجب على الجيش أن يمضي في طريقه قدما، غير عابئ، وعلي الباغي تدور الدوائر.
1 – اجراء انتخابات برلمانية.
2 – تشكيل حكومة من الخبرات المخلصين للوطن تعمل علي تحقيق الآتي:
- تحقيق الأمن الداخلي والخارجي.
- حماية الطبقة الفقيرة.
- حماية السوق ومنع الاحتكار.
- الإشراف علي سيادة القانون.
3 – عمل خطة تنمية شاملة، ترضي طموح الشعب المتعطش للتنمية و الرخاء.
4 – كتابة دستور بمشاركة كل أهل مصر، ممن لا ترهبهم الحشود أو تبهرهم الأضواء، يحقق الآتي:
- قيمة الأمانة، التي ارتضى الإنسان تحملها، لدي ( الفرد و المؤسسات ).
- الفصل المتوازن بين السلطات.
- التوزيع المتوازن للسلطة والمسؤلية بين مؤسسات الدولة.
- التوزيع المتوازن للسلطة والمسؤلية داخل المؤسسة الواحدة.
- تنظيم الادارة المحلية و تفويض السلطة.
5 – انتخاب رئيس جمهورية، تتوافر فيه الصفات الآتية:
- من أعلم افراد الشعب بالقانون (الشريعة).
- من أقدر أفراد الشعب علي تطبيق القانون على نفسه وعلي الناس، و لديه الكفاءه للسيطرة وإدارة قطاعات الدولة و مؤسساتها المختلفة.
- لديه طموحه وتطلعه لمستقبل أفضل وقدرة على فهم تطلعات الشعب.
- لديه الكفاءة والقدرة على استخدام الإمكانيات المتاحة للدولة - مادية و معنوية - لتحقيق هذه التطلعات.
–يعييش مع المصريين علي الارض.
لن أتوسل إلي نخبتنا الثقافية القاهرية لتتبني هذا التصور المتواضع أو أي تصور آخر ينهض بالدولة، ويقلل التركيز علي السلطة و اغتنامها؛ فإقناع (إبليس) بالتوبة إلي الله أسهل.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام علي المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
حفظ الله مصر و المصريين